ما بين الفشل والنجاح



يسعى الإنسان خلال مسيرته في  الحياة إلى  الوصول لما يريده و يخططه لأجل إسعاده و من أجل  حياة أفضل له، منذ ما يبدأ  في التفكير  يضع  أمامه بعض الأفكار  و الطموحات التي تبدأ بسيطة وقليلة و ذات مدى قصير  وبعد ذلك تبدأ في التعقيد و التعمق  كل ما زادت خبراته الحياتية فتزيد الطموحات و الأمال حينها.
يبحث الإنسان لأحلامه و طموحاته تلك بطرق عديدة لتحقيقها وجعلها حقيقة، يسعى دومًا لهدف وللتحسن ربما يعد هو  نهاية السباق في الحياة وأماله للبعض 
وهو السعي للـ"نجاح"، النجاح  ذات الكلمة التي  تدغدغ المشاعر و تُلئلئ العيون و تفرح القلوب،
التي بتحقيقها تتغير حيوات البشر وتنقلهم من حال  إلى حال  أفضل وهدف حياتي لا ينتهي إلا بانتهاء عمر الإنسان.
وهناك عدة أسئلة دائمًا تُطرح وتثير التفكير، هل النجاح شئ صعب أو مستحيل حدوثه ويحدث مرة واحدة أم أنه ربما يتكرر الحدوث؟، لماذا عندما  يكون  هناك شخصين يحلمان نفس الحلم أحدهما ينجح و الآخر ربنا لا ينجح؟. 
كل تلك الأسئلة وأكثر تبحث عن إيجابات لها ونستنبط مفاتيح الحلول لها لإدراك طريق النجاح.
النجاح شئ غير صعب أو مستحيل ولأن النجاح هو ثمرة إيمان الشخص بقدراته والإجتهاد في أعماله، أغلب الناس يعتقدون أن الناجح لا يفشل وهذا خطأ، بل هذا هو المستحيل، الناجح هو ذلك الشخص الذي مر  بالكثير من العقبات، بل تعرض للسقوط مرات عديدة، لكنه لم يعتقد أبدًا أن النجاح غير ممكن بالنسبة له، وهذا هو الفرق بين الناجح والفاشل.
ولأن النجاج نسبي من شخص للآخر  فتحقيق النجاح ونيله هو شئ نسبي لكنه يخضع لشروط لكي يصبح الشخص ناجحًا، أهمها حب الغير و التسامح لأن حب الغير هو صفة للعظماء يفشل فيها الكثير فالتصالح و التسامح مع الناس و مع النفس من أهم مقومات النجاح، والشعور أن الشخص  قدم شيئًا  هامًا للناس وأسعدهم، وكما قال الكاتب الأميركي نابيليون هيل - ‘‘من الحقائق الثابتة أنك تستطيع أن تنجح بسرعة وبأفضل طريقة، عندما تساعد الآخرين على النجاح’’.
وعدم الندم على الفرص الضائعة، كثير  ما لا يقدر الشخص قيمة الفرص المتاحة له وهل هي مفيدة له و في  تحقيق حلمه و هدفه أم لا فـعندما يتيقن  من فائدتها له بعد فوات آوانها فيندم في ذلك الوقت، ها لن يفيد في شئ بل يجب الوقوف  والمضي قدمًا لتحقيق الهدف لأن الحياة تضرب الشخص بقوة فيجب أن يصمد في  وجهها و في وجه صعابها.
والتفائل وعدم التشائم، المتفائل يكون دايمًا الأمل بجانبه فيجيد التفكير  بشكل أفضل وأوضح للأمور وبطريقة منطقية أكثر، فالمتفائل يجذب الآخرين إليه، أما المتشائم يبعد الناس عنه، لأن الناس تُحب أن تسمع كلمات الأمل ومن يبث فيهم القوة والحيوية، وتكره سماع التشائم واليأس من يبث فيهم الأحباط والركود .
 من يقوم باتباع شروط النجاح و يتمسك بحلمه ينال ما يرديه في النهاية مثل كثيرين من الناجحين حول العالم.
  ومن أبرز هؤلاء الناجحين "هارلند دافيد ساندرز"، مؤسس مطاعم "كنتاكي".  
ساندرز الذي نجح بعد الستين، ولد ساندرز في 1890 والده عامل فى منجم فحم، توفى والده و هو عمره 6 سنوات و اضطرت الأم للنزول للعمل لكي تستطيع الصرف على المنزل كان ساندرز الكبير و لم يجد مفر هو أيضًا من العناية بالبيت و أخوته وتقديم الطعام لهم وفي سن السابعة أتقن طهي عدة أطباق شهية ومنها الدجاج المقلي و عمل أيضًا أكثر من مهنة حتى تزوجت والدته ودخل هو الجيش وهو  في عمر 16 وعمل أكثر من وظيفة من ملقم فحم لقائد عبارة نهرية لبيع بوالص التأمين، ثم درس القانون و باع إطارات السيارات وعمل مدير محطات وقود. 
أنهى ساندرز الرجل العجوز المشهور ذو الشعر الأبيض الذي ترمز صورته إلى أشهر  محلات الدجاج المقلي كنتاكي، بدء مشروعه و هو  في الأربعين من عمره, حيث كان يقف في محطة القطار و يبع للمسافرين دجاجه المقلي اللذيذ، استمر 9 سنوات أتقن فيها ساندرز الخلطة السرية التي موجودة حاليا في مطاعم كنتاكي التي تتكون من 11 نوع من التوابل، وفي عامه الـ 45 أنعم عليه محافظ ولاية كنتاكي لقب الكولونيل لمهارته في طهي الدجاج المقلي, ولكن بعد ذلك تم تغير مسار القطار فأصبح المكان لا يجذب المارين مثل قبل وتكاثرت الديون عليه مما جعله يبيع عربته ليسدد الديون والضرائب، وعاد لبيته ينتظر التأمين الاجتماعي ليعيش منه و لكنه أدرك أنه لا يزال في 65 من عمره و يمكنه العمل مجددًا، فبدأ بطرح الفكرة على المطاعم، ولاقى دجاجه اللذيذ قبول من جميع المستثمرين أصحاب المطاعم، و بعد 12 عام أصبح هناك 600 محل يبيعون دجاج الكونونيل ساندرز، وعند سن 77 قرر بيع كل ممتلكاته لمستثمرين مقابل 2 مليون دولار عام 1964 وفي عام 1966 أصبحت شركة مساهمة في البورصة وفي عام 1971 بيعت مره أخرى مقابل 275 مليون دولار، وفي 1986 اشترتها شركة بيبسي مقابل 840 ميلون دولار، وفي عامه الـ 90 قرر قطع ساندر 250 ألف ميل لزيارة جميع فروع كنتاكى الموجودة في أكثر من مائة دولة وتضم أكثر من 33 ألف عامل.

وهناك  من لا يحقق النجاح في وقت قصير ويحتاج لمزيد من الوقت و الصبر حتى ينال ما يريد،  فمن أشهر قصص عدم النجاح في البدايات  كانت مثل قصة حياة "توماس أديسون" الذي سجل 1300 براءة اختراع، أعظمها المصباح الكهربائي، الذي أخبره معلمه بأنه لا يصلح لتعلم أي شيء! .
يقول أديسون مُلخصًا تجربته الثرية: "إن ما حققته هو ثمرة عمل يشكل الذكاء فيه 1% والمثابرة والجد 99%".
أيضًا ألبرت آينشتاين الفيزيائي الأشهر في التاريخ، تأخر نطقه حتى سن الرابعة، وتعثرت قراءته حتى سن السابعة، حتى اعتبره معلموه معاقًا ذهنياً!  غير أنه كان صاحب قدرة تفكيرية إبداعية دون منازع.
فالبدايات الصعبة التي يشوبها الفشل سرعان  ما تتحول لقصص ناجحة عظيمة فقط مع الصبر و العمل و الاجتهاد و التمسك بالحلم و الهدف للتحسين و الوصول للأفضل والنجاح..

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

بعثة الملك نخاو للدوران حول أفريقيا

اللون البنفسجي.. من لبنان للعالم القديم وأغلى من الدهب

"النوبية".. لغة ولا لهجة؟