سُكّر (قصة قصيرة)

وقف متكئ على الحائط يستجمع طاقته ويلتقط أنفاسه بعد صعوده سلمه العالي،
دس يده في جيبه ليعثر على مفتاح باب منزله، وفتحه وأدخل جسده العريض
عبر الباب لداخل مملكته الصغير ة المتواضعة.
عيناه تجولان يمينًا ويسارًا باحثًا عن زوجته، التي جاءت إليه بعد سماع صوت إغلاق الباب،
فقال لها : احضري لي كوبًا من الشاي، فأجابته بتلقائية لا يوجد سكر
هو : إذا اذهبي لمطبخك وابحثي عن بعضًا منه واعدي لي مشروبي المفضل
لكى يشفى رأسى من تعب يوم شاق
هي: أنا أدرى بمطبخي وقلت لك لا يوجد سكر، اذهب أحضر لنا كيسًا منه
هو : حسنًا.. سأفعل

خرج من منزله إلى فضاء حارته الصغيرة، متجهًا إلى بقالة الأمانة المجاورة لمنزله
وقال لصاحبها، أريد كيسًا من السكر، فرد عليه لا يوجد منه.
فذهب إلى البقالة الأخرى في نهاية حارته، فكان رد البائع مماثل لرد سابقه،
فذهب الزوج إلى البقالين في الحي وجميعهم كان لهم ردًا واحدًا أنه لا يوجد لديهم
هذه المادة البيضاء.

قرر التعيس الذهاب إلى البقال الأخير في الحي، اتجه له غاضبًا
قائلًا له: اسمع أريد السكر ولا تقول لي لا يوجد مفهوم!، فنظر له البائع لامبالي
وقال: بلى لا يوجد سكر
فكاد أن ينفجر من غضبه قال: هل أنتم جميعًا تخدعونني.. مشتركون في مؤامرة ضدي
وتريدون إزعاجي، وأشار إلى رأسه وتريدون لهذا الدماغ أن لا يحصل على شرابه المفضل
وينال متعته بعد يوم طويل من العمل؟.
اعتدل البائع في جلسته ونظر له نظرة قوية قائلًا: اسمع يا هذا من أنت لتظن أن الجميع
يحيكون مؤامرة ضدك وأنت لا يُبالى بك أحدًا حتى، بل الحكومة هي التي تتأمر علينا
وتريد زيادة أسعار السكر وغيره وأن نبيعه بأسعار أقل للناس،
فقاطعه التعيس: تبًا لك ولكم جميعًا وللحكومة
فأشتد غصب البقال: اسمع أيها المدمن للشاي أنت أذهب من هنا ومعك دماغك الخَرف
ولا تأتي هنا مرة أخرى، وحتى لو عندي سكر لن أعطيه لك.

تركه الزوج وسار في الحي قاصدًا حارته ثم منزله وهو يسير مطأطئ الرأس عاقدًا
يداه خلف ظهره وعيناه لا تفارق الأرض، ثم وصل إلى منزله وطرق على بابه بشده
وانفتح فقالت زوجته: ها أنت عدت بدون سكر!
فقال لها أحضري لي كوبًا من الشاي،
فردت هل تريد إثارة جنوني قلت لك لا يوجد سكر
هو : إذا أحضريه بدونه
هي : وكيف ستحليه، قالت ساخرة أم ستشربه مُر
هو: نعم سأشربه مُر، شايي المفضل مُر مثل حياتنا يا عزيزتي.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

بعثة الملك نخاو للدوران حول أفريقيا

اللون البنفسجي.. من لبنان للعالم القديم وأغلى من الدهب

"النوبية".. لغة ولا لهجة؟