جِد أفريقيا.. قصة شاعر ومناضل جنوب أفريقي من أصل مصري!
الترابط والتقارب بين الشعوب حقيقة وواقع مهما بعدوا عن بعض، وخاصة في قارتنا الأفريقية، أفريقيا مننا وفينا، وشاعرنا ومناضلنا تاتامخولو أفريكا نموذج على دة
في 7 ديسمبر سنة 1920 اترزق المواطن المصري فؤاد ناصف في مدينة السلوم، بطفل جميل من زوجته التركية، سماه محمد
محمد اللي اتكتب عليه حياة غريبة عجيبة غير مستقرة أبدًا، طاف خلالها بلاد وأماكن كتير وشاف كل شيء، الويل والموت وكمان النجاح والشهرة
كانت البداية ومحمد لسة رضيع عمره تقريبا سنتين قرر والده إنهم يهاجروا من أقصى شمال القارة لأقصى جنوبها، تحديدًا لدولة جنوب أفريقيا
وفيها شاء القدر إن فؤاد وزوجته يتوفوا بسبب فيروس الأنفلونزا ويسيبوا ابنهم محمد وحيد يتيم، فـ اتبنته أسرة بيضاء مسيحية بروتستانتية ميثودية وغيّرت ديانة الطفل لديانتهم وسمته جون، جون كارلتون، وأخفوا عنه إنه مش من صلبهم ومتبنينه
كِبر الطفل اتعلم القراءة والكتابة، وكبر معاه حبه وشغفه بالكتابة الأدبية بشكل فريد، لدرجة إنه نشر أول رواية له وهو عنده 17 سنة بس، وكانت اسمها "الأرض المكسورة"
حصل اضطراب تاني في حياة محمد/جون بإن أسرته اعترفت له إنه مش من صلبهم وإنه مش من العرق الأبيض
دة عمل صدمة كبيرة له وبٍعد عنهم واتطوع في جيش جنوب أفريقيا وقامت الحرب العالمية التانية
وطبعا شارك فيها وحظه العاثر وداه إنه يشارك في المعارك العنيفة بالقرب من بلده الأصلي مصر وبالتحديد كمان مدينة ميلاده السلوم، فحارب في مناطق شرق ليبيا جنب السلوم
وفي مدينة طبرق الليبية وقع جون في الأسر لمدة 3 سنين وكتب رواية يحكي تجربته في الأسر لحد ما تم الإفراج عنه
عشان يبدأ فصل جديد من حياته ويقرر الانتقال لدولة نامبيا المجاورة لبلده جنوب أفريقيا، وعاش مع أسرة من العرقية الأفريكانية البيضاء (الأفريكانيين من أصول هولندية)
وفي الفترة دي مر "جون" بمرحلة مهمة وبحث عن ذاته وهويته، هو مين وإية وبنتمي لمين؟، واتأكد بإنه بينتمي لأفريقيا
غيّر اسمه ولقبه لاسم أفريقي "جوزوا جويير" واشتغل في مجالات كتير في المناجم والبيع والعزف الموسيقي وحاجات كتير
لحد ما خلاص فكر يرجع لجنوب أفريقيا واتصدم بالواقع العنصري القبيح اللي عاشه الشعب من سياسيات الفصل العنصري والتصنيفات العرقية، وعشان هو أبيض البشرة فالحكومة صنفته من الأقلية البيضاء
وحس جوزوا بالخزي من الموضوع دة وقال إنه مش عاوز يشارك في التصنيفات دي وإنه هيعتبر نفسه "راجل من غير جِلد"، ورفض تصنيف بشرته
سنة 1964 حصل تحول جديد لجوزوا والمرة دي في حياته العقائدية بتحوله للإسلام، دين ميلاده وأبوه وأمه البيولوجيين، وحبّ يحتفظ بلقبه "جوبير" لكن هيسمي نفسه إسماعيل، فاتحول اسم محمد/جون/ جوزوا للمرة الرابعة لـ"إسماعيل"
وانتقل للعيش في منطقة مختلطة الثقافات والأعراق في مدينة كيب تاون ودة أثر جدًا في أفكاره واتحول للنضال ضد الفصل العنصري
لدرجة إنه شال السلاح وانضم لتنظيم "راس الحربة" الجناح العسكري لحركة المؤتمر الوطني الأفريقي اللي أسسه الزعيم نيلسون مانديلا، وللمرة الخامسة غير اسمه للاسم المعروف بيه حاليًا وهو تاتامخولو أفريكا ومعناه باللغة الخوسية "جد أفريقيا"
استمر تاتامخولو في النضال ضد الحكومة العنصرية لحد ما اتقبض عليه واتحط في السجن مع نيلسون مانديلا واتمنع من الكتابة لمدة 5 سنين لكن استخدم اسم تاتامخولو اسم مستعار عشان يكتب من خلاله ويكسر المنع المفروض عليه
وكتب روايات ومجموعات شعرية كتير جدا وفاز بجوايز كتير، تقريبا كل الجوايز الأدبية والشعرية في بلده جنوب أفريقيا منها لخدماته وتأثيره على أدب جنوب أفريقيا، منها جايزة أوليف شرينر للشعر 1992، وجايزة سنلام الأدبية وغيرهم
في نفس شهر ميلاده ديسمبر لكن في يوم 23 سنة 2002 اتوفى تاتامخولو أفريكا عن عمر 82 سنة، بعد أسبوعين من تدهور صحته بسبب المرض
واتخلد المصري الأصل تاتامخولو أفريكا اسمه كواحد من أبرز وأعظم أدباء دولة جنوب أفريقيا لحد النهاردة
من أشعاره:
لم يتغير شيء
تنغرز تحت قدمي أحجار صغيرة مدورة صلدة
تدفع الأعشاب المبذرة في ثنيات البنطال وتنسحق العلب المعدنية التي داستها الأقدام
بين الحشائش العالية الودودة ذات الأزهار القرمزية
المصادر:
- جريدة أخبار الأدب
- فيلم وثائقي عن تاتامخولو أفريكا لـBBC
- blakefriedmann.co.uk
- allpoetry.com
- encyclopedia.com
تعليقات
إرسال تعليق