قصة الخلق في مصر القديمة




تاسوع هليوبوليس تصف قصة الخلق المنسوبة إلى مدينة أون "هليوبوليس" المعروفة باسم تاسوع هليوبوليس، نشأة الكون عن طريق الانبثاق، وفي نظرية هليوبوليس يطلق علي الواحد الأحد اسم آتوم وكلمة آتوم تعني كل شئ و في نفس الوقت تعني لا شئ آتوم هو النقطة شديدة التركيز التي انبثق منها كل شئ و إليها يعود كل شئ آتوم هو الجوهر اللامحدود، الذي يحوي كل إمكانيات الخلق التي لم تشكل بعد،
لذلك كان أول فعل من أفعال الخلق التي قام بها آتوم هو أنه انفصل عن مياه الأزل نون، وبذلك أحدث تغيرًا جذريًا فيها فلم تعد كحالتها الأولى حيث لا سطح و لا عمق و لا شكل و لا شئ سوى فوضى الظلام لم تعد مياه الأزل ساكنة لأن آتوم أحدث تغيرًا حين انفصل عنها وارتفع منها تلك الصيرورة التي اعترت مياه الأزل،
آتوم

واعترت آتوم في نفس الوقت هي ما يطلق عليه في مصر القديمة خبري صور المصري القديم عن تحول خبري_آتوم و صيرورته من حال إلى حال بطريقتين الطريقة الأولى هي إتخاذه هيئة جعران مقدس والطريقة الثانية هي إتخاذه هيئة تل أزلي ارتفع فوق مياه الأزل،

وقد جاء وصف الطريقين في متون الأهرام في اثنين من نصوص الأهرام يقول النص الأول تقدس أسمك يا آتوم.. تقدس أسمك يا خبري.. يا من خلف ذاته بذاته بأن تحول و صار من حال إلي حال و من ذاته خلق التل الأزلي.. ثم تحول إلى جعران مقدس يحمل اسم خبري.

النص الثاني تقدست يا خبري آتوم.. يا من ارتفعت علي هيئة تل أزلي يا من ارتفعت كطائر ال بنو فوق حجر البن البن في مدينة أون و طائر ال بنو في مصر القديمة هو طائر الفينيكس أما حجر البن البن فهو الحجر الذي سال من جسد آتوم الذي يحوي بذور الخلق كلها جميعًا في تاسوع هليوبوليس،
خرج آتوم من مياه الأزل على هيئة تل أزلي ثم أخرج للوجود أول زوج من الكيانات الالهية وهم شو و تفوت و ذلك عن طريق العطس و البصق وهو تعبير مجازي عن الانبثاق أي أن الواحد الأحد خلق من ذاته و لم يخلق من عدم أو من أي مادة منفصلة عنه وشو هو رمز الهواء أو الفضاء و بحمل فوق رأسه علامته المميزة وهي الريشة أما تفوت فهو رمز عنصر النار،

 خبري آتوم

وتظهر في الفن المصري علي شكل لبؤة أو امرأة برأس لبؤة و تحمل فوق رأسها قرص الشمس تعددت الرويات التي تصف كيف خلق آتوم من ذاته أي كيف تحول وصار من حالة الاحتجاب و الخفاء و الوحدة الأزلية إلي التجلي والتعدد تصف الحالة الأولى صيرورة آتوم من حال إلي حال من خلال ما يعرف بالتل الأزلي الذى ارتفع من مياة الأزل، وإتخذ شكلًا و سطحًا وأحدث تحولًا في مياه الأزل بعد أن كانت بلا سطح ولا قاع،


أما الحالة الثانية فتصف تجول آتوم من حال إلي حال عن طريق الاستمناء و خروج التجليات الالهية منه علي هيئة بذور أو سائل منوي فيه بذرة الحياة و قد شبهت بعض النصوص المصرية القديمة خروج الكيانات الالهية من الواحد الأحد بعملية القذف لأن الواحد الأحد يخلق من ذاته و ليس من عدم أما الرواية الثالثة لتحول آتوم فتقول أنه خلق من ذاته أربعة أزواج من القوي الكونية بإستخدام الإرادة التي محلها القلب و جاء للوجود ثمانية قوى كونية هم (شو و تفوت و جب و نوت و است و أوزير و نبة حت و ست) وهم يشكلون معًا، بالإضافة إلى آتوم رع ما يعرف بتاسوع هليوبوليس قوي التاسوع هي القوي الإلهية التي تنظم دورات الميلاد و الموت و البعث جاء في متون الاهرام،

أن قوى التاسوع ليست منفصلة عن الواحد الأكمل آتوم فبعد أن خلق آتوم كل من شو و تفوت و اتي بهم للوجود عن طريق عن طريق الانبثاق مد ذراعيه حولهما و احتضنهما لكي تسري فيه كاءه (أي طاقته الحيوية ) يعبر الاحتضان بالأذرع عن فكرة الاحتواء الكل يخرج من ذات واحدة هي الذات الألهية و لا ينفصل عنها أبدًا ومهما اختلف في مظهره عن غيره من الموجودات ستظل كا رع تحتويه وصفت متون الاهرام انبثاق الخلق من آتوم (الواحد الأكمل) سواءً عن طريق التحول إلى تل أزلي أو عن طريق قذف بذور الحياة كما يقذف السائل المنوي أو عن طريق تفعيل المشيئة محلها القلب،

وبعد انتهاء عصر الدولة القديمة وبداية عصر الدولة الوسطى حوالي (2040ق.م ) إستمر المصري القديم في وصف أحداث نشأة الكون في النصوص الدينية، فظهرت متون التوابيت جاء في متون التوابيت علي لسان شو أنا روح شو الذي فوق النار الأزلية الذي خلقها آتوم بيده في الأزل يشبه بذور الحياة التي انبثقت من آتوم بدون تزاوج بالنار تلك النار الأزلية قامت يشبه الدور الذي تقود به النار أثناء طهي البيضة فتحولها من حالة السيولة إلي التجمد النار الأزلية التي أحدثها آتوم بيده هي السبب في ظهور التل الأزلي وسط المحيط السائل و بالتالي إلى خروج أول زوج من الكيانات الالهية للوجود و هم شو و تفوت أن بذرة الحياة أو السائل المنوي المذكر أشبه بالنار في علم الخيمياء،

وتعمل النار على الإسراع في عملية التضج أو إلى تجمد السوائل وتحولها إلى مادة صلبة فالنار المنبثقة من يد آتوم هي التي أدت لظهور حجر البن البن وهو الصورة الأولية التي تنعكس في الحيوان المنوي، حيث بقوم بتخصيب البويضة فيؤدي إلى تجمد السائل الزلالي لتبدأ بعد ذلك النطفة في التشكل و يعتبر التحول من السيولة إلى التجمد شرطًا أساسيًا لكي يبدأ الخلق إذ يستحيل تشكيل أي شئ و هو في حالة سيولة و الإشارة إلي روح شو في النص السابق يدل على أننا مازلنا في عالم الصورة الأولية وهو العالم الذي ظهر للوجود قبل ظهور الكون بصورته المادية،

آتوم

إن آتوم في نظرية التاسوع هو ذلك الذي يحمل بداخله النار أو البذرة الأزلية آتوم هو السبب في ظهور أول شئ محدد يمكن تعريفه وسط نون اللامحدود بعد ظهور أول شئ محدد وهو التل الأزلي أخرج آتوم من ذاته (وهو في هيئة التل الأزلي) ثمانية من الكيانات الالهية (شو و تفوت و جب و نوت و است و أوزير و نبة حت و ست) تلك القوي الإلهية الثمانية، بالإضافة إلى آتوم هم التاسوع الذي لعب دورًا أساسيًا في عملية التحول والصيرورة التي أدت إلي تجلي الواحد الأحد بعد أن كان محتجبًا،

ومن الجدير بالتأمل أن التاسوع قد يأتي في بعض الأحيان في هيئة فضيغة المثنى، فيقال التاسوعان ذكرت متون الاهرام أن الملك يولد من جديد في العالم الآخر من رحم التاسوعان كان المصري القديم علي دراية واسعة بأسرار علم الأعداد و دور العدد في نشأة الكون وقد اكتشف العلم الحديث مؤخرا بمساعدة الميكروسكوب الإلكتروني أن بداخل النطفة (البويضة المخصبة يحيوان منوي) خيط أو حبل يتكون من تسعة أنابيب أو صمامات تقوم هذه الأنانبيب التسعة بتنظيم عملية إنقسام الخلية في بداية مراحل تكون الجنين وهو إنقسام يحاكي طريقة انبثاق تاسوع القوي الإلهية في الأزل يتسبب الحيوان المنوي في تجمد البويضة بعد دخوله إليها مباشرًا صانعًا غشاء أو طبقة تحيط بالبويضة و تمنع دخول أي حيوان منوي آخر إليها و بعدها مباشرًا تبدأ عملية إنقسام الخلية متبعة نموذج تاسوع هليوبوليس هو اثنان_أريعة_ ثمانية كانت عملية الإنقسام حسب نموذج تاسوع هليوبوليس تشكل جزءً هامًا في الفكر الديني المصري،

وكما بتضح من النص التالي وهو منقوش علي تابوت بت أمون "petamon" (أنا الواحد الذي أصبح اثنان الذي أصبح أربعة الذي أصبح ثمانية و مع ذلك أظل أنا الواحد) من أكثر الأفكار المحيرة للعقول تحول الواحد إلى اثنان أو ما يعرف بانقسام الأحادية الآزلية، و ينتج عن ذلك الإنقسام ظهور قطبين متناقضين أحدهما موجب و الاخر سالب و هو ما عبر عنه قدماء المصريين بثنائية حر و ست جاء في متون الاهرام و إذا كان المحتجب اللامحدود لا اسم له لأنه خفي إلا أن لتجلياته أسماء لا حصر لها ال نترو (المفرد نتر و الجمع نترو ) هي أسماء التجليات العديدة للواحد الأحد الخفى المحتجب حيث يمثل كل نتر أحد القوي الالهية التي عملت علي نشأة الكون و تطوره المصدر كتاب اليوجا المصرية فلسفة التنوير المعرفة الروحانية الجزء التانى و الجزء الأول.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

بعثة الملك نخاو للدوران حول أفريقيا

اللون البنفسجي.. من لبنان للعالم القديم وأغلى من الدهب

"النوبية".. لغة ولا لهجة؟