إبادة الأرمن

إبادة و إضطهاد الأرمن كان لها خلفيات سياسية حصلت قبل الإبادة بعشرات السنين و هي الصراع بين الإمبراطورية العثمانية و الروسية لبسط النفوذ و السيطرة علي أكبر قدر من الأراضي و الدول و كانت من ضمن المطامع بينهم هي أرمينية " أرض الأرمن " التاريخية و موطنهم و التي كانت منقسمة لجزئين نتيجة للصراع الفارسي / العثماني جزء تحت إدارة الدولة الفارسية و جزء تحت الدولة العثمانية فكان الجزء التركي مطمع للروس و لإعادة تحرير الدول الأوروبية و البلقان من سيطرة العثمانيين ,
فشجعت روسيا الشعوب الأوروبية و البلقانية ( اليونانيين و السلاف و الأرمن ) علي التحرر من قبضة العثمانيين
و لعبت علي مسألة الدين فساعدتهم و حفزتهم بالرغم من إن أثرياء الأرمن و أصحاب المصالح في الدولة العثمانية لم يكن لهم رغبات في التحرر او طموحات قومية و للحكم الذاتي للأمة الأرمنية ,
و كمان إنقسام الأرمن مع بعضهم سياسيا من كان مع العثمانيين و مع الروس و إنقسامهم دينيا ما بين كاثوليك و بروتستانت و أروذوكس كان يحول دول إتفاقهم علي رأي عام هل ينفصلوا عن الدولة العثمانية أم يبقوا كما هم رعايا في الدولة ؟ ,
و بالفعل قدم بطريك الأرمن " مجرديتش خريميان " مذكرة للسلطان عبد الحمد الثاني سنة 1876م للمطالبة بإقامة حكم ذاتي للأرمن لكن بالطبع السلطان رفض المذكرة و الطلب فكان رد فعل بعض الأرمن الداعيين للحكم الذاتي بالإنضمام للجيش الروسي بعد الدعاية الكبيرة التي دعت لها روسيا للأرمن و الإغارءات بأنها ستحقق لهم حلم الإنفصال و تكوين دولة للأرمن في شرق الأناضول مما أثار سخط العثمانيين والسلطان عبد الحميد الثاني و من هنا بدأ الحرب و سلسلة من المذابح و الإضطهاد للأرمن بشكل عام فتم حرق و نهب الولايات الأرمنية التابعة للدولة العثمانية و قتل الأرمن و البرغم من لإبرام مبادرة المستشار الألماني " بسمارك " لوقف الحرب إلا إن الحرب إستمرت و قدم السلطان العثماني جزيرة " قبرص " لإنجلترا لإسكاتها و حتي تتغاضي عن ما يتم من مذابح للأرمن
و مع الوقت أصبحت مشكلة الحرب ضد الأرمن مشكلة دولية لكنها لم تتوقف فكان رد فعل الأرمن هو تأسيس جمعيات و أحزاب و حركات إنفصالية للحصول علي إستقلال إداري من الدولة العثمانية و كان من ضمن الاحزاب حزب " الطاشناق" و هو حزب ثوري إنتهج الفكر الثوري علي عكس الاحزاب السياسية الأرمنية الأخري ,
و شجعت هذه الكيانات الأرمنية علي الأرمن بالقيام بورات و بالفعل حدثت ثورات عديدة لكن كان يقالبلها بالقمع الشديد من العثمانيين و إرتكاب المذابح بحقهم
و في محاولة جريئة قام حزب الطاشناق بمحاولة إغتيال للسلطان عبد الحميد الثاني لكنها فشلت فقام بإصدار قرارت بالإبادة النهائية للأرمن في الإستانة و في كل نواحي الدولة العثمانية فحصلت أبشع المذابح و التي تم تسميتها بـ " المذابح الحميدية " و حتي شارك فيها الجيش العثماني و القبائل المساندة له و حتي المواطنيين أنفسهم قاموا بالعنصرية و الإضطهاد و التنكيل بالأرمن و تم إثارة المسألة الدينية لتحفيز الأتراك و الأكراد ضد الأرمن فتحول المسار من حرب سببها السياسة لحرب دينية بين مسلمين و مسيحيين .
و تم قتل أكثر من مليون أرمني في تلك المذابح بالإضافة لمئات الألاف من الشعوب المسيحية الأخري ( الأشوريين و الكلدان و السريان و اليونانيين النبطيين ) و حتي الأن الأتراك لا يعترفون بإرتكابهم المذابح الأرمنية .
و أدت تلك المذابح لهروب الأرمن و هجرتهم لشتي أنحاء العالم و منها لمصر فهاجر لها بعض الأرمن و أستقروا بها و إندمجوا في الشعب المصري ..


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

بعثة الملك نخاو للدوران حول أفريقيا

اللون البنفسجي.. من لبنان للعالم القديم وأغلى من الدهب

"النوبية".. لغة ولا لهجة؟